أحدث الأخبار
عاجل

الصبرة.. حي عريق تحت الإبادة الإسرائيلية

+ = -

منذ أيام، يعيش حي الصبرة جنوب مدينة غزة تحت عدوان إسرائيلي مكثف لم يتوقف ليلًا أو نهارًا عن نسف وتدمير منازله ومربعاته السكنية.

الطائرات الحربية تمطر الحي بالصواريخ، والمدفعية الثقيلة تحاصر مداخله وتستهدف كل ما يتحرك داخله، إضافة لأعمال نسف بواسطة الروبوتات التي تدمر المنازل وتمحوها من الوجود.

تدمير ممنهج

وفق مراسل المركز الفلسطيني للإعلام، فإن عشرات الغارات الجوية تستهدف المنازل والممتلكات في الحي، وتحوله رويدًا رويدًا إلى كومات من الركام، في استكمال بشع لدمار حل بالحي في اجتياح مدينة غزة في أكتوبر 2023م.

مربعات بأكملها سُويت بالأرض، عائلات استُشهدت كاملة تحت أنقاض بيوتها، فيما تجد سيارات الإسعاف والدفاع المدني صعوبة في الوصول إلى الجرحى بسبب استمرار القصف واستهداف الطرقات المؤدية إلى المنطقة.

أما من ينجو من القصف فيجد نفسه بلا مأوى، يفرّ إلى المجهول وسط رائحة البارود والدخان الكثيف، وكأنهم يفرون من الموت إلى الموت.

مجزرة مفتوحة

يصف الأهالي ما يجري بأنه مجزرة مفتوحة: جثث تحت الأنقاض لم يتمكن أحد من انتشالها، أطفال محاصرون بلا ماء أو غذاء، وأسر مشردة تبيت في العراء بعدما دُمّرت منازلها فوق رؤوسها.

لم تسلم المساجد ولا المراكز الصحية من القصف، كل شيء في الحي تحت استهداف آلة الحرب الإسرائيلية، وهي تزحف ببطء نحو مدينة غزة لتدميرها، كما توعد رئيس الوزراء الصهيوني ووزير حربه.

الوضع الإنساني كارثي، آلاف العائلات أُجبرت على النزوح نحو مناطق أكثر ازدحامًا وأقل أمنًا، في ظل انقطاع الكهرباء والماء ونقص الغذاء والأدوية، فيما تختلط أصوات الأطفال بصراخ الثكالى وسط دوي الانفجارات المستمر.

تاريخ عريق

وعلى الرغم من أن حي الصبرة أحد أصغر أحياء المدينة من ناحية عدد السكان أو المساحة، إلا أنه يمتلك تاريخًا سياسيًا واجتماعيًا كبيرًا، وكان أبناؤه روادًا في مقاومة الاحتلال.

اتخذ الحي اسمه من الشيخ سالم صبرة، أحد أولياء الله الصالحين، ومقامه معروف حتى اليوم في المقبرة القديمة بجوار دوار عسقولة شرقي الحي.

كان صبرة مسؤولًا عن التنبيه على الغزو ومراقبته في عهد الناصر صلاح الدين الأيوبي، حيث كان إشعال النار يشكل دخانًا إشارة على بوادر الغزو، وكانت عائلة صبرة تقوم على تكية الشيخ حتى عهد قريب.

مثّل الحي عبر التاريخ عقدة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما في سبعينات القرن الماضي، إذ كان الفدائيون يعملون بأريحية كبيرة، ويقودون عمليات ضد الجنود والمستوطنين قبل اعتقالهم وزجهم في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك سجن أنصار 2 وسجن أنصار 3 في صحراء النقب.

كما صدر قانون تامير الإسرائيلي لأول مرة بحق أحد أبناء الحي، الأسير يوسف عطا الخور، بعد صموده الأسطوري في التحقيق، ليصبح لاحقًا أول من يُحكم عليه بالمؤبد ويُفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 1982.

ظل الحي شعلة للمقاومة بكل فصائلها، واستضاف أحداث انتفاضة الحجارة وكتائب القسام، حيث استشهد فيه زعماء فلسطينيون مثل الشيخ أحمد ياسين وأحمد الجعبري وصلاح نصار.

كما تصدى أبناء الحي لعدد من الاقتحامات والتوغلات الإسرائيلية، موقعين قتلى وجرحى في صفوف الاحتلال.

جغرافياً، يمتد الحي من شارع عمر المختار شمالًا إلى المجمع الإسلامي جنوبًا، ومن الجامعة الإسلامية غربًا حتى مفرق عسقولة شرقًا، ويشقه ثاني أكبر شوارع مدينة غزة، شارع الثلاثيني، إضافة إلى شارع المغربي وشارع الصناعة أو المحافظة.

يضم الحي حوالي 40 مسجدًا أشهرها مسجد السلام، مسجد عبد الله عزام، ومسجد المجمع الإسلامي، إضافة إلى مصليات صغيرة، ويحتوي على مركز رعاية أولية حكومي ومركز الصبرة الصحي التابع لوكالة الغوث منذ 1989 بدعم الحكومة الفنلندية.

ومن أبرز العائلات الأصيلة: أبو شعبان، الشامي، العماوي، حمدقه، الخور، دغمش، أبو عصر، عبد العال، شحبير، الديري، الداعور، الريس، صبرة، الجعل، عاشور، عويضة، أبو دلال، مصلح، قلجة، قتديل، الجماصي، أبو بكر، قروط، البنا، وغيرهم.

المركز الفلسطيني للإعلام

الوسم


أترك تعليق