لم تكن الجرائم الصهيونية من قتل وتدمير وتشريد أمرًا طارئًا على التاريخ، بل هي امتداد لصفاتٍ سجّلها القرآن الكريم عن بني إسرائيل، حين كشف طبيعتهم القائمة على نقض العهود وسفك الدماء والإفساد في الأرض.
يقول الله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ) (النساء: 155)، كما وصفهم سبحانه بقوله: (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (المائدة: 64).
وتتجلى هذه الصفات اليوم في الاحتلال الصهيوني لفلسطين، الذي لم يتوقف عن القتل الجماعي للأطفال والنساء، وتدمير البيوت على ساكنيها، واستهداف البنية التحتية والمستشفيات والمدارس، في صورةٍ متطابقة مع ما جاء في القرآن من توصيف دقيق لطبيعتهم عبر التاريخ.
ولم تقتصر آلة الحرب الصهيونية على استهداف البنية التحتية والتعليمية والصحية في غزة، بل طالت الأبراج السكنية والتجارية التي كانت تشكل معالم حضرية ومراكز حيوية في قلب قطاع غزة.
وقد أثار تدمير هذه الأبراج تساؤلات واسعة حول الدوافع الحقيقية وراء هذا النهج، الذي يتجاوز البعد العسكري المباشر ليحمل أبعادًا سياسية ونفسية واقتصادية عميقة.
ويمكن تلخيص أبرز أهداف الكيان الصهيوني من استهداف الأبراج في غزة في النقاط التالية:
1- الضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة:
من خلال استهداف الأبراج التي تضم مئات العائلات والمكاتب، ويسعى الاحتلال إلى خلق حالة من الغضب الشعبي ضد المقاومة، عبر تحميلها مسؤولية الدمار.
2- تدمير البنية التحتية المدنية والاقتصادية:
الأبراج في غزة ليست مجرد مساكن، بل تحتوي على مكاتب وشركات ومؤسسات إعلامية وتجارية؛ ما يجعل استهدافها جزءًا من سياسة ضرب مقومات الحياة الاقتصادية.
3- إيصال رسالة ردع ورعب:
إسقاط أبراج شاهقة بشكل متعمد يهدف إلى بث الرعب في نفوس المدنيين، وإيصال رسالة بأن أي مكان في غزة يمكن أن يُدمر في أي لحظة.
4- إضعاف الروح المعنوية:
استهداف الأبراج يترك أثرًا نفسيًا عميقًا لدى السكان، إذ يفقدون منازلهم ومصدر رزقهم دفعة واحدة؛ ما يشكل محاولة لكسر إرادة الصمود.
5- تدمير رموز حضرية:
الأبراج تمثل رمزًا للتطور العمراني في غزة، واستهدافها يعكس محاولة لطمس صورة الحياة المدنية الطبيعية، وإبقاء القطاع في حالة خراب مستمر.
6- التغطية على الإخفاقات العسكرية:
حين يفشل الكيان الصهيوني في تحقيق أهداف ميدانية ضد المقاومة، يلجأ إلى تدمير الأبراج لإظهار «إنجاز عسكري» أمام جمهوره الداخلي.