أحدث الأخبار
عاجل

أسطول الصمود العالمي.. مبادرة رمزية وإنسانية لمواجهة حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة

+ = -

في ظلّ الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، والتي صنّفتها جهات حقوقية دولية كـ”إبادة جماعية”، برزت مبادرة أسطول الصمود العالمي كأكبر تحرك شعبي مدني بحرًا لنصرة الفلسطينيين، وكسر الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات. جمعت المبادرة نشطاء من مختلف الجنسيات، ورسّخت خطابًا إنسانيًا عالميًا ضد التجاهل السياسي الدولي للكارثة الجارية.

وتواصل إبحار “أسطول الصمود العالمي”، اليوم الخميس، الذي يحمل مساعدات إنسانية وناشطين، في محاولة لكسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة.

وعادت السفن للتجمع قرب إحدى الجزر الصغيرة في عرض البحر الأبيض المتوسط، لمواصلة الابحار نحو المياه الدولية القريبة من المياه الإقليمية الإيطالية، حيث يرتقب أن تنضم للأسطول سفن محملة بأطنان من المساعدات الإغاثية، إلى جانب عشرات النشطاء.

وقال زاهر بيراوي رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار على غزة، والعضو المؤسس في تحالف أسطول الحرية إن الرسالة الأبرز التي يسعى منظمو أسطول الصمود العالمي لتوصيلها هي التأكيد أن “شعوب العالم متحدة في مواجهة جرائم دولة الاحتلال الإسرائيلي الخارجة على القانون والتي باتت رمزا للعنصرية والإجرام الصهيوني الذي يضرب القوانين الدولية بعرض الحائط”.

وقال بيراوي، الموجود حاليا في تونس لمتابعة الترتيبات النهائية لانطلاق أسطول الصمود العربي، في تصريحات صحفية رصدها المركز الفلسطيني للإعلام: إنّ “الترتيبات تسير على قدم وساق هنا في تونس لتجهيز سفن كسر الحصار، حيث يقوم الفريق الفني في الشق العربي من تحالف أسطول الصمود (قافلة الصمود العربية) بمتابعة كافة الإجراءات الإدارية والفنية اللازمة لعدد من السفن التي ستحمل على متنها المئات من المتضامنين الدوليين وعددا كبيرا من المشاركين من الدول العربية والإسلامية وخاصة من تونس والجزائر وليبيا والمغرب وقطر والبحرين وعمان والكويت وموريتانيا وتركيا وباكستان وماليزيا وغيرها من الوفود التي وصلت للعاصمة التونسية”.

وأسطول الصمود العالمي هو مبادرة أطلقها تحالف من منظمات المجتمع المدني والحقوقي حول العالم، بمشاركة فاعلين من 44 دولة، من بينهم برلمانيون، فنانون، أطباء، ومناصرون لقضية فلسطين. جاء انطلاق الأسطول من برشلونة في 31 أغسطس 2025، في لحظة مفصلية من العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، والذي خلّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى، ودمّر البنية التحتية، وأوقع القطاع في مجاعة موثقة دوليًا.

والمبادرة لا تنتمي لأي جهة سياسية أو حكومة، بل تمثل صوت الضمير الشعبي العالمي، في وقت يتواطأ فيه المجتمع الدولي ويتقاعس عن نصرة غزة.

تكوّن الأسطول من نحو 30 سفينة صغيرة ومتوسطة الحجم، تحمل على متنها مساعدات إنسانية عاجلة تشمل الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى معدات طبية ومواد ضرورية للحياة.

وجهة الأسطول كانت غزة، لكن الرحلة لم تكن سهلة. واجهت السفن عواصف بحرية أجبرتها مؤقتًا على التراجع، وتلقت تهديدات مباشرة من إسرائيل، التي أعلنت أنها ستعامل المشاركين على متنها كمجرمي حرب و”إرهابيين”. وفي تصريحات رسمية، ألمحت حكومة الاحتلال إلى إمكانية اعتراض السفن بالقوة، ما أثار ردود فعل غاضبة من مؤسسات حقوقية وناشطين حول العالم.

ورغم هذه التهديدات، أكّد المنظمون أن الأسطول ملتزم بالكامل بالعمل السلمي المدني، وأن أي اعتداء عليه سيكون جريمة موثقة أمام الرأي العام العالمي.

شارك في الأسطول عدد من الشخصيات العالمية المؤثرة، ما أعطى المبادرة بعدًا رمزيًا كبيرًا. من أبرز المشاركين:

الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ

النجمة الأميركية سوزان ساراندون

الممثل الإيرلندي ليام كانينغهام

النائب الإسباني إدواردو فرنانديز

عمدة برشلونة السابقة آدا كولاو

ماندلا مانديلا حفيد الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا

هذه الشخصيات، وغيرها، أعلنت أنها لا تقبل الصمت الدولي على جريمة إبادة تُرتكب أمام كاميرات العالم، معتبرين أن مشاركتهم في الأسطول واجب أخلاقي وإنساني.

لاقى أسطول الصمود إشادة من مؤسسات حقوقية وأممية، أبرزها:

مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي دعا إسرائيل إلى السماح للأسطول بالمرور الآمن وتسهيل إيصال المساعدات إلى غزة.

منظمة العفو الدولية (أمنستي) التي اعتبرت محاولة اعتراض الأسطول خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.

المحكمة الدولية التي سبق أن طالبت بإنشاء ممرات إنسانية آمنة إلى القطاع.

كما دعمت منظمات شعبية في أوروبا وأميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا المبادرة عبر مظاهرات وتظاهرات بحرية رمزية في موانئ متعددة.

رغم أن مصير الأسطول لم يُحسم بعد – مع احتمال منعه أو اعتراضه – إلا أن القيمة الرمزية للمبادرة تحققت فعليًا. فقد أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي، وفضحت ازدواجية المعايير في تعامل القوى الكبرى مع الجرائم التي تُرتكب بحق الفلسطينيين، خاصة الأطفال والنساء في غزة.

كما ساهم الأسطول في تحريك الوعي الشعبي الدولي، وربط النضال الفلسطيني بحركات العدالة المناخية والاجتماعية والحقوقية العالمية، من خلال مشاركة ناشطين من خلفيات متعددة في المسيرة.

أسطول الصمود العالمي ليس مجرد قافلة بحرية، بل صرخة مدنية في وجه الحرب والصمت. هو تذكير بأن الصمود لا يقتصر على من هم تحت القصف، بل يشمل من قرروا مواجهة الظلم من خارج فلسطين، حاملين معهم راية التضامن والمقاومة المدنية.

في بحر العجز السياسي الدولي، يبحر هذا الأسطول كإعلان رمزي وإنساني بأن العالم لم يصمت كلّه، وأن الضمير ما زال ينبض من أجل غزة والوقوف بوجه الإبادة الجماعية والظلم الإسرائيلي الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني بدعم غربي وصمت دولي على الجريمة.

المركز الفلسطيني للإعلام:

الوسم


أترك تعليق