على الرغم من احتضان الدوحة لفريق الصهاينة التفاوضي وقادتهم الأمنيين ومن قبلهم وفود أمريكا ووزراء خارجيتها كوسيطٍ لم يكن نزيها ولا محايدا يوما، ومع ذلك اخترقت دولة الاحتلال الصهيوني كعادتها كل المحرمات الدولية والدبلوماسية وأدارت ظهرها لكل ما سبق، وانتهكت كل الحرمات والأعراف الدولية واستهدفت وفد حركة حماس المفاوض في الدوحة في رسالة دموية ليست مستغربة على قادة الإجرام الصهيوني لتكشف وبلا مواربة الوجه الحقيقي لطريقتها في التفاوض عبر العنف وسفك الدم وانتهاك المحرمات وأيًا يكن “الوسيط”.
ورأى كتاب ومحللون في هذه الخطوة “الإجرامية الجبانة” باستهداف قادة المقاومة نسفا لأي أفق تفاوضي، الأمر الذي يؤكد نية الاحتلال إدارة الصراع بالعنف لا بالحلول، مشددين في الوقت ذاته على أنّ “العدو لا يتوقف عند حدود، ويجب على الجميع – من نالهم العدوان ومن ينتظرون – أن يدركوا أنهم في مرمى الخطر الوجودي، سواء قاوموا أو طبّعوا.”
وأكدوا على أنّ دولة الكيان الإجرامي لم تترك محرّماً في الحروب إلا وكسرته، وصمت العالم يصوغ شكل حروب المستقبل، التي ستبدو معها “الغابة” نموذجاً راقياً بالمقارنة، مؤكدين في الوقت ذاته أنّ هذا الحدث قد يُسجّل نقطة انعطاف في مسار الحرب على غزة، وربما في أمن المنطقة بأسرها.
قادة المقاومة يذوقون آلام شعبهم
وأكد الكاتب والمحلل السياسي زياد ابحيص، في تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام أنّ استهداف الاحتلال الصهيوني لقيادات المقاومة في العاصمة القطرية الدوحة، يُعدّ دليلاً جديداً على أن قيادة المقاومة ليست بعيدة عن الاستهداف، وأنها “تشرب من الكأس نفسه” التي يشرب منها شعبها.
وقال ابحيص في تصريحاته: “أولاً وقبل كل شيء حسبنا الله ونعم الوكيل، ونحتسب من مضى من القادة والمرافقين شهداء عند الله، ونسأله أن يتقبلهم ويرفع درجاتهم. ومن نجا، فنسأل له الثبات وأن تكون له كفارة ورفعة.”
واعتبر ابحيص أن الحديث المتكرر عن “فنادق قطر” و”بُعد القيادة عن الشعب” قد سقط إلى غير رجعة، مشيراً إلى أن هذه القيادة “اختارت طريقها، وتدفع ثمنه، بغض النظر عن مكان وجودها”، وهو ما تثبته تجارب طويلة.
وأضاف أن “هذا التغول الصهيوني من غزة والضفة إلى لبنان وسوريا واليمن، وصولاً إلى قلب الدوحة، يؤكد أن العدو لا يتوقف عند حدود، ويجب على الجميع – من نالهم العدوان ومن ينتظرون – أن يدركوا أنهم في مرمى الخطر الوجودي، سواء قاوموا أو طبّعوا.”
وفي نقد مباشر للارتهان للحماية الأمريكية، قال ابحيص: “المتغطي بأمريكا ليس فقط عريان، بل جلب الوحش إلى سريره”، موضحاً أن واشنطن لا تحمي أحداً، بل تدعم الاحتلال بالمال والسلاح والمعلومات، ولا تتوانى عن المزيد إذا اقتضى الأمر.
وأشار إلى أن التفاوض أصبح أداة لخداع المقاومة والتغطية على الجرائم الصهيونية المتصاعدة، داعياً إلى “وقفه فوراً بشكله الحالي، وربطه بالتزام عملي بوقف استهداف المدنيين واحترام الاتفاقات السابقة”.
وختم ابحيص بتوجيه انتقاد للوسيط العربي، قائلاً إنه “لم يعد وسيطاً حقيقياً بل ناقلاً لضغوط أمريكية باتجاه واحد”، معتبراً أن وصفه بـ”الوسيط” أصبح مضللاً ويحتاج إلى إعادة توصيف تعكس حقيقة دوره.
وفي تحذير للمجتمع الدولي، أكد ابحيص أن “إسرائيل” لم تترك محرّماً في الحروب إلا وكسرته، وصمت العالم يصوغ شكل حروب المستقبل، التي ستبدو معها “الغابة” نموذجاً راقياً بالمقارنة.
نسف للمفاوضات
بدوره اعتبر الكاتب والصحفي الفلسطيني وسام عفيفة، أن استهداف “إسرائيل” لقيادة حركة حماس ووفدها المفاوض بالدوحة، أثناء مناقشة المبادرة الأميركية الأخيرة، ينسف أي أفق تفاوضي، ويؤكد نية الاحتلال إدارة الصراع بالعنف لا بالحلول.
ووصف عفيفة في تصريحات رصدها المركز الفلسطيني للإعلام ما جرى بأنه تطور دراماتيكي غير مسبوق، ينقل الحرب على غزة إلى مستوى إقليمي مفتوح.
ورأى أن غرفة العمليات المشتركة بين واشنطن وتل أبيب، والتي يقودها رون ديرمر، قد أدارت عملية اغتيال باردة المعالم، تحت شعار: لا مسار تفاوضي، بل اغتيال الطاولة ذاتها.
وأضاف “الهجوم ينقل المواجهة من غزة المشتعلة منذ عامين، إلى قلب العاصمة القطرية، مركز الوساطة والحوارات.. الرسالة الإسرائيلية واضحة.. لا خطوط حمراء، ولا حصانة حتى لمائدة التفاوض.
وبين أن العملية في قطر – الدولة الوسيطة – تمثل تحديا مباشرا لسيادتها ودورها، وقد تفجر أزمة دبلوماسية واسعة.
وأشار عفيفة أن الدوحة لم تكن مسرحا لمحادثات، بل تحولت إلى جبهة، والحدث قد يُسجّل نقطة انعطاف في مسار الحرب على غزة، وربما في أمن المنطقة بأسرها.
أمريكا شريكة في “قمّة النار”
أما الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة فقال: خلاصة مهمّة عن محاولة الاغتيال في الدوحة.. ترامب منح الصهاينة الغطاء، وأيّ كلام آخر هو ضرب من الهُراء.
وأضاف الزعاترة في تدوينة له على منصة إكس رصدها المركز الفلسطيني للإعلام أنّ أيّ كلام دبلوماسي سيُقال من قادة “الكيان” ليس له قيمة. عملية بهذا المستوى لا يمكن أن تتم من دون غطاء أمريكي. أطلقوا عليها “قمّة النار”، وللتسمية دلالاتها التوراتية طبعا.
ويشاركه الرأي ذاته الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي، الذي قال: إنّ ترامب شريك في لعبة الخداع، فعلها من قبل مع إيران عندما ضربها قبل يومين من جلسة المفاوضات السادسة، ونتنياهو اشتهر بهذه الممارسات القذرة.
وأضاف الرنتاوي، في تصريحات وصلت المركز الفلسطيني للإعلام: إنّه لا حدود ولا قيود للتوحش الإسرائيلي والغطرسة الأمريكية، ما لم تجد الحليفتان الاستراتيجيتان من يردعمها.
وشدد على أنّ الادانة، والادانة بأشد العبارات، لم تعد أمراَ كافيا، لافتا في الوقت ذاته إلى أنّ: ” إدانة العدوان على قطر وتجاهل استهداف قادة حماس، فعل غير لائق سيما حين يصدر عن مسؤولين فلسطينيين أو عرباً”.
الاحتلال يستهدف قادة حماس
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه استهدف اجتماعا لقادة حماس في العاصمة القطرية الدوحة.
وقال الجيش في بيان: شن سلاح الجو، قبل قليل هجوما مركزا استهدف قمة قيادة حماس في قطر.
وزعم البيان أن “أعضاء القيادة الذين استهدفوا قادوا نشاط التنظيم لسنوات، وهم المسؤولون بشكل مباشر عن تنفيذ أحداث 7 أكتوبر وإدارة الحرب ضد إسرائيل”.
وقبل ذلك سمع دوي 10 انفجارات على الأقل في حي كتارا بالعاصمة القطرية الدوحة.
ولم تعلن الدوحة تفاصيل إضافية عن الحدث.
وأكد مصدر في حماس، ومصدر آخر للتلفزيون العربي، نجاة وفد الحركة المفاوض من محاولة الاغتيال الإسرائيلية، التي استهدفت مقر قيادة الحركة في الدوحة، أثناء مناقشة المقترح الأمريكي الأخير.
بدورها، أدانت وزارة الخارجية القطرية الهجوم الإسرائيلي، ووصفته بالجبان، والذي استهدف مقرات سكنية لعدد من أعضاء المكتب السياسي لحماس بالدوحة.
وأضافت الخارجية، في بيان، أن الاعتداء الإجرامي الإسرائيلي انتهاك لكافة القوانين الدولية وتهديد خطير لأمن وسلامة القطريين والمقيمين.
وأكدت أنها لن تتهاون مع هذا السلوك الإسرائيلي المتهور، ولا مع أي عمل يستهدف أمنها وسيادتها.
وأشارت الوزارة أن التحقيقات جارية على أعلى مستوى، وسيتم الإعلان عن المزيد من التفاصيل فور توفرها.
المركز الفلسطيني للإعلام: